رابعًا : منفعة كلام الحكمة : –
بما أنَّ كلام الحكمة من إظهارات روح الرب الإلَه الرُّوح القدس فهو إذًا للمنفعة كما هو مكتوب « وَلَكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ »( ١كورنثوس ١٢ : ٧ ، ٨ ). و الآن لنتقدم لدراسة بعض مظاهر منفعة كلام الحكمة : -
١ – النجاح :
كما هو مكتوب«أَمَّا الْحِكْمَةُ فَنَافِعَةٌ لِلإِنْجَاحِ. »( جامعة ١٠ : ١٠ ) و الكتاب المقدَّس مليء برجال الرَّب الحكماء أختار منهم عيِّنات على سبيل المثال و ليس على سبيل الحصر و ذلك لإيضاح المعنى فمثلاً :
أ – نجاح في العلم و التفسير مثل دانيال المكتوب عنه« فَنَجَحَ دَانِيآلُ هَذَا »( دانيال ٦ : ٢٨ ) لأنَّ «فِيهِ نَيِّرَةٌ وَفِطْنَةٌ وَحِكْمَةٌ كَحِكْمَةِ الآلِهَةِ »( دانيال ٥ : ١١ ) لأنَّه «رَجُلٌ فِيهِ رُوحُ الآلِهَةِ الْقُدُّوسِينَ »( دانيال ٥ : ١١ ) و أذكر مثالاً واحدًا من علم و حكمة دانيال فقد أعطاه الرَّب علمًا بحلم نبوخذ نصَّر الذي لم يستطع جميع حكماء العالم أن يعرفوه و حكمة في تفسير ذلك الحلم كما هو مكتوب عن العلم « أَجَابَ دَانِيآلُ قُدَّامَ الْمَلِكِ: السِّرُّ الَّذِي طَلَبَهُ الْمَلِكُ لاَ تَقْدِرُ الْحُكَمَاءُ وَلاَ السَّحَرَةُ وَلاَ الْمَجُوسُ وَلاَ الْمُنَجِّمُونَ عَلَى أَنْ يُبَيِّنُوهُ لِلْمَلِكِ. لَكِنْ يُوجَدُ إِلَهٌ فِي السَّمَاوَاتِ كَاشِفُ الأَسْرَارِ وَقَدْ عَرَّفَ الْمَلِكَ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَا يَكُونُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ. حُلْمُكَ وَرُؤْيَا رَأْسِكَ عَلَى فِرَاشِكَ هُوَ هَذَا: أَنْتَ يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ أَفْكَارُكَ عَلَى فِرَاشِكَ صَعِدَتْ إِلَى مَا يَكُونُ مِنْ بَعْدِ هَذَا وَكَاشِفُ الأَسْرَارِ يُعَرِّفُكَ بِمَا يَكُونُ أَمَّا أَنَا فَلَمْ يُكْشَفْ لِي هَذَا السِّرُّ لِحِكْمَةٍ فِيَّ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الأَحْيَاءِ. وَلَكِنْ لِيُعَرَّفَ الْمَلِكُ بِالتَّعْبِيرِ وَلِتَعْلَمَ أَفْكَارَ قَلْبِكَ. أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنْتَ تَنْظُرُ وَإِذَا بِتِمْثَالٍ عَظِيمٍ. هَذَا التِّمْثَالُ الْعَظِيمُ الْبَهِيُّ جِدّاً وَقَفَ قُبَالَتَكَ وَمَنْظَرُهُ هَائِلٌ. رَأْسُ هَذَا التِّمْثَالِ مِنْ ذَهَبٍ جَيِّدٍ. صَدْرُهُ وَذِرَاعَاهُ مِنْ فِضَّةٍ. بَطْنُهُ وَفَخْذَاهُ مِنْ نُحَاسٍ. سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ. قَدَمَاهُ بَعْضُهُمَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ. كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى أَنْ قُطِعَ حَجَرٌ بِغَيْرِ يَدَيْنِ فَضَرَبَ التِّمْثَالَ عَلَى قَدَمَيْهِ اللَّتَيْنِ مِنْ حَدِيدٍ وَخَزَفٍ فَسَحَقَهُمَا. فَانْسَحَقَ حِينَئِذٍ الْحَدِيدُ وَالْخَزَفُ وَالنُّحَاسُ وَالْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ مَعاً وَصَارَتْ كَعُصَافَةِ الْبَيْدَرِ فِي الصَّيْفِ فَحَمَلَتْهَا الرِّيحُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا مَكَانٌ. أَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي ضَرَبَ التِّمْثَالَ فَصَارَ جَبَلاً كَبِيراً وَمَلَأَ الأَرْضَ كُلَّهَا. هَذَا هُوَ الْحُلْمُ. »( دانيال ٢ : ٢٧ – ٣٦ ).
و الحكمة تظهر في التفسير كما هو مكتوب « هَذَا هُوَ الْحُلْمُ. فَنُخْبِرُ بِتَعْبِيرِهِ قُدَّامَ الْمَلِكِ: أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَلِكُ مُلُوكٍ لأَنَّ إِلَهَ السَّمَاوَاتِ أَعْطَاكَ مَمْلَكَةً وَاقْتِدَاراً وَسُلْطَاناً وَفَخْراً. وَحَيْثُمَا يَسْكُنُ بَنُو الْبَشَرِ وَوُحُوشُ الْبَرِّ وَطُيُورُ السَّمَاءِ دَفَعَهَا لِيَدِكَ وَسَلَّطَكَ عَلَيْهَا جَمِيعِهَا. فَأَنْتَ هَذَا الرَّأْسُ مِنْ ذَهَبٍ. وَبَعْدَكَ تَقُومُ مَمْلَكَةٌ أُخْرَى أَصْغَرُ مِنْكَ وَمَمْلَكَةٌ ثَالِثَةٌ أُخْرَى مِنْ نُحَاسٍ فَتَتَسَلَّطُ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. وَتَكُونُ مَمْلَكَةٌ رَابِعَةٌ صَلِبَةٌ كَالْحَدِيدِ لأَنَّ الْحَدِيدَ يَدُقُّ وَيَسْحَقُ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَالْحَدِيدِ الَّذِي يُكَسِّرُ تَسْحَقُ وَتُكَسِّرُ كُلَّ هَؤُلاَءِ. وَبِمَا رَأَيْتَ الْقَدَمَيْنِ وَالأَصَابِعَ بَعْضُهَا مِنْ خَزَفٍ وَالْبَعْضُ مِنْ حَدِيدٍ فَالْمَمْلَكَةُ تَكُونُ مُنْقَسِمَةً وَيَكُونُ فِيهَا قُوَّةُ الْحَدِيدِ مِنْ حَيْثُ إِنَّكَ رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطاً بِخَزَفِ الطِّينِ. وَأَصَابِعُ الْقَدَمَيْنِ بَعْضُهَا مِنْ حَدِيدٍ وَالْبَعْضُ مِنْ خَزَفٍ فَبَعْضُ الْمَمْلَكَةِ يَكُونُ قَوِيّاً وَالْبَعْضُ قَصِماً. وَبِمَا رَأَيْتَ الْحَدِيدَ مُخْتَلِطاً بِخَزَفِ الطِّينِ فَإِنَّهُمْ يَخْتَلِطُونَ بِنَسْلِ النَّاسِ وَلَكِنْ لاَ يَتَلاَصَقُ هَذَا بِذَاكَ كَمَا أَنَّ الْحَدِيدَ لاَ يَخْتَلِطُ بِالْخَزَفِ. وَفِي أَيَّامِ هَؤُلاَءِ الْمُلُوكِ يُقِيمُ إِلَهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَداً وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هَذِهِ الْمَمَالِكِ وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ. لأَنَّكَ رَأَيْتَ أَنَّهُ قَدْ قُطِعَ حَجَرٌ مِنْ جَبَلٍ لاَ بِيَدَيْنِ فَسَحَقَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالْخَزَفَ وَالْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ. اللَّهُ الْعَظِيمُ قَدْ عَرَّفَ الْمَلِكَ مَا سَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا. الْحُلْمُ حَقٌّ وَتَعْبِيرُهُ يَقِينٌ. حِينَئِذٍ خَرَّ نَبُوخَذْنَصَّرُ عَلَى وَجْهِهِ وَسَجَدَ لِدَانِيآلَ وَأَمَرَ بِأَنْ يُقَدِّمُوا لَهُ تَقْدِمَةً وَرَوَائِحَ سُرُورٍ. وَقَالَ الْمَلِكُ لِدَانِيآلَ: حَقّاً إِنَّ إِلَهَكُمْ إِلَهُ الآلِهَةِ وَرَبُّ الْمُلُوكِ وَكَاشِفُ الأَسْرَارِ إِذِ اسْتَطَعْتَ عَلَى كَشْفِ هَذَا السِّرِّ. »( دانيال ٢ : ٣٦ – ٤٧ ).
ب – نجاح في التفسير والتدبير مثل يوسف المكتوب عنه أنَّه« بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ »( تكوين ٤١ : ٣٩ ) لأنَّه كان« رَجُلا فِيهِ رُوحُ اللهِ؟ »( تكوين ٤١ : ٣٨ ) فمكتوب « وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلا نَاجِحا وَانَّ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ بِيَدِهِ »( تكوين ٣٩ : ٢ ، ٣ ) فبكلام الحكمة أعطاه الرَّب علمًا بتفسير حلم فرعون كما هو مكتوب كما يلي :
«فَارْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا يُوسُفَ فَاسْرَعُوا بِهِ مِنَ السِّجْنِ. فَحَلَقَ وَابْدَلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ عَلَى فِرْعَوْنْ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ:«حَلُمْتُ حُلْما وَلَيْسَ مَنْ يُعَبِّرُهُ. وَانَا سَمِعْتُ عَنْكَ قَوْلا انَّكَ تَسْمَعُ احْلاما لِتُعَبِّرَهَا». فَاجَابَ يُوسُفُ فِرْعَوْنَ:«لَيْسَ لِي.اللهُ يُجِيبُ بِسَلامَةِ فِرْعَوْنَ» فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ:«انِّي كُنْتُ فِي حُلْمِي وَاقِفا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ وَهُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ طَالِعَةٍ مِنَ النَّهْرِ سَمِينَةِ اللَّحْمِ وَحَسَنَةِ الصُّورَةِ. فَارْتَعَتْ فِي رَوْضَةٍ. ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ اخْرَى طَالِعَةٍ وَرَاءَهَا مَهْزُولَةٍ وَقَبِيحَةِ الصُّورَةِ جِدّا وَرَقِيقَةِ اللَّحْمِ. لَمْ انْظُرْ فِي كُلِّ ارْضِ مِصْرَ مِثْلَهَا فِي الْقَبَاحَةِ. فَاكَلَتِ الْبَقَرَاتُ الرَّقِيقَةُ وَالْقَبِيحَةُ الْبَقَرَاتِ السَّبْعَ الاولَى السَّمِينَةَ. فَدَخَلَتْ اجْوَافَهَا. وَلَمْ يُعْلَمْ انَّهَا دَخَلَتْ فِي اجْوَافِهَا. فَكَانَ مَنْظَرُهَا قَبِيحا كَمَا فِي الاوَّلِ. وَاسْتَيْقَظْتُ. ثُمَّ رَايْتُ فِي حُلْمِي وَهُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ طَالِعَةٍ فِي سَاقٍ وَاحِدٍ مُمْتَلِئَةٍ وَحَسَنَةِ ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ يَابِسَةٍ رَقِيقَةٍ مَلْفُوحَةٍ بِالرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ نَابِتَةٍ وَرَاءَهَا فَابْتَلَعَتِ السَّنَابِلُ الرَّقِيقَةُ السَّنَابِلَ السَّبْعَ الْحَسَنَةَ. فَقُلْتُ لِلسَّحَرَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُخْبِرُنِي». فَقَالَ يُوسُفُ لِفِرْعَوْنَ: «حُلْمُ فِرْعَوْنَ وَاحِدٌ. قَدْ اخْبَرَ اللهُ فِرْعَوْنَ بِمَا هُوَ صَانِعٌ. الْبَقَرَاتُ السَّبْعُ الْحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. وَالسَّنَابِلُ السَّبْعُ الْحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. هُوَ حُلْمٌ وَاحِدٌ. وَالْبَقَرَاتُ السَّبْعُ الرَّقِيقَةُ الْقَبِيحَةُ الَّتِي طَلَعَتْ وَرَاءَهَا هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. وَالسَّنَابِلُ السَّبْعُ الْفَارِغَةُ الْمَلْفُوحَةُ بِالرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ تَكُونُ سَبْعَ سِنِينَ جُوعا. هُوَ الامْرُ الَّذِي كَلَّمْتُ بِهِ فِرْعَوْنَ. قَدْ اظْهَرَ اللهُ لِفِرْعَوْنَ مَا هُوَ صَانِعٌ. هُوَذَا سَبْعُ سِنِينَ قَادِمَةٌ شَبَعا عَظِيما فِي كُلِّ ارْضِ مِصْرَ. ثُمَّ تَقُومُ بَعْدَهَا سَبْعُ سِنِينَ جُوعا فَيُنْسَى كُلُّ الشَّبَعِ فِي ارْضِ مِصْرَ وَيُتْلِفُ الْجُوعُ الارْضَ. وَلا يُعْرَفُ الشَّبَعُ فِي الارْضِ مِنْ اجْلِ ذَلِكَ الْجُوعِ بَعْدَهُ لانَّهُ يَكُونُ شَدِيدا جِدّا. وَامَّا عَنْ تَكْرَارِ الْحُلْمِ عَلَى فِرْعَوْنَ مَرَّتَيْنِ فَلانَّ الامْرَ مُقَرَّرٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَاللهُ مُسْرِعٌ لِيَصْنَعَهُ. »( تكوين ٤١ : ١٤ – ٣٢ )
و عن حكمة التدبير قال يوسف : «فَالْانَ لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلا بَصِيرا وَحَكِيما وَيَجْعَلْهُ عَلَى ارْضِ مِصْرَ. يَفْعَلْ فِرْعَوْنُ فَيُوَكِّلْ نُظَّارا عَلَى الارْضِ وَيَاخُذْ خُمْسَ غَلَّةِ ارْضِ مِصْرَ فِي سَبْعِ سِنِي الشَّبَعِ فَيَجْمَعُونَ جَمِيعَ طَعَامِ هَذِهِ السِّنِينَ الْجَيِّدَةِ الْقَادِمَةِ وَيَخْزِنُونَ قَمْحا تَحْتَ يَدِ فِرْعَوْنَ طَعَاما. فِي الْمُدُنِ وَيَحْفَظُونَهُ. فَيَكُونُ الطَّعَامُ ذَخِيرَةً لِلارْضِ لِسَبْعِ سِنِي الْجُوعِ الَّتِي تَكُونُ فِي ارْضِ مِصْرَ. فَلا تَنْقَرِضُ الارْضُ بِالْجُوعِ ». فَحَسُنَ الْكَلامُ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَفِي عُيُونِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ. فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هَذَا رَجُلا فِيهِ رُوحُ اللهِ؟ » ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «بَعْدَ مَا اعْلَمَكَ اللهُ كُلَّ هَذَا لَيْسَ بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ مِثْلَكَ. انْتَ تَكُونُ عَلَى بَيْتِي وَعَلَى فَمِكَ يُقَبِّلُ جَمِيعُ شَعْبِي. الَّا انَّ الْكُرْسِيَّ اكُونُ فِيهِ اعْظَمَ مِنْكَ». ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «انْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُكَ عَلَى كُلِّ ارْضِ مِصْرَ ». وَخَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ وَالْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ وَوَضَعَ طَوْقَ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ وَارْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ الثَّانِيَةِ وَنَادُوا امَامَهُ «ارْكَعُوا». وَجَعَلَهُ عَلَى كُلِّ ارْضِ مِصْرَ. »( تكوين ٤١ : ٣٣ – ٤٣ ).
ج – نجاح في إدارة شئون المملكة مثل سليمان الذي قال له الرَّب قَدْ«أَعْطَيْتُكَ حِكْمَةً وَمَعْرِفَةً، »( ٢ أخبار الأيَّام ١ : ١٢ ) لذلك مكتوب عنه« وَجَلَسَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ مَلِكاً مَكَانَ دَاوُدَ أَبِيهِ, وَنَجَحَ وَأَطَاعَهُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ. »( ١ أخبار الأيَّام ٢٩ : ٢٣ ).
لذلك نجد أن من منافع كلام الحكمة هو الإعتماد على الحكمة الإلَهيَّة النازلة من فوق لنكون ناجحين في كل شيء و يتم فينا المكتوب « إِلَهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي »( نحميا ٢ : ٢٠ ) فموهبة كلام الحكمة تهدينا و ترشدنا إلى طرق النجاح بإعلان إلهي مباشر لا يمكن أن يفشل أبدًا.
٢ – الرد على المعاندين المقاومين :
قال الرَّب الإلَه يسوع «لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَماً وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا.»( لوقا ٢١ : ١٥ ) و قال « فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ فَلاَ تَعْتَنُوا مِنْ قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلاَ تَهْتَمُّوا بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذَلِكَ تَكَلَّمُوا لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ. »( مرقس ١٣ : ١١ ) و مكتوب عن إستفانوس « وَأَمَّا اسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوّاً إِيمَاناً وَقُوَّةً كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ. فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوس وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ. »( أعمال الرسل ٦ : ٨ – ١٠ ). و الآن الرَّب مستعد أن يعطينا بالرُّوح كلام حكمة نرد به على المعاندين و المقاومين و المفترين و أن نفحمهم باشتداد فهل نطلب .
٣– النجاة و الإنقاذ :
كما هو مكتوب«السَّالِكُ بِحِكْمَةٍ هُوَ يَنْجُو »( أمثال ٢٨ : ٢٦ )« إِذَا دَخَلَتِ الْحِكْمَةُ قَلْبَكَ وَلَذَّتِ الْمَعْرِفَةُ لِنَفْسِكَ فَالْعَقْلُ يَحْفَظُكَ وَالْفَهْمُ يَنْصُرُكَ لإِنْقَاذِكَ مِنْ طَرِيقِ الشِّرِّيرِ وَمِنَ الإِنْسَانِ الْمُتَكَلِّمِ بِالأَكَاذِيبِ »( أمثال ٢ : ١٠ – ١٢ ) « اَلْحَكِيمُ يَخْشَى وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ »( أمثال ١٤ : ١٦ ) «هَذِهِ الْحِكْمَةُ رَأَيْتُهَا أَيْضاً تَحْتَ الشَّمْسِ وَهِيَ عَظِيمَةٌ عِنْدِي مَدِينَةٌ صَغِيرَةٌ فِيهَا أُنَاسٌ قَلِيلُونَ. فَجَاءَ عَلَيْهَا مَلِكٌ عَظِيمٌ وَحَاصَرَهَا وَبَنَى عَلَيْهَا أَبْرَاجاً عَظِيمَةً. وَوُجِدَ فِيهَا رَجُلٌ مِسْكِينٌ حَكِيمٌ فَنَجَّى هُوَ الْمَدِينَةَ بِحِكْمَتِهِ. »( جامعة ٩ : ١٣ – ١٥ ) لأن اَلْحِكْمَةُ خَيْرٌ مِنْ أَدَوَاتِ الْحَرْبِ »( جامعة ٩ : ١٨ ). و نحن في هذه الأيَّام في حاجة إلى كلام الحكمة لكي ننقذ و ننجو من المخاطر التي قد تحدث لنا لو أهملنا موهبة كلام الحكمة.
٤ – الإحياء :
مكتوب«الْحِكْمَةَ تُحْيِي أَصْحَابَهَا »( جامعة ٧ : ١٢ ) «هِيَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ لِمُمْسِكِيهَا وَالْمُتَمَسِّكُ بِهَا مَغْبُوطٌ. »( أمثال ٣ : ١٨ ) و«شَرِيعَةُ الْحَكِيمِ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِلْحَيَدَانِ عَنْ أَشْرَاكِ الْمَوْتِ »( أمثال ١٣ : ١٤ ) و ما أعظم شريعة الرَّب الإلَه يسوع «اَلإِلَهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا »( يهوذا ١ : ٢٥ ) عندما قال كلماته الحكيمة التي أحيت المرأة الزانية عندما قال لمن يريدون رجمها «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ! »( يوحنَّا ٨ : ٧ )«وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَداً سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟ » فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ».فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ:«ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضاً »( يوحنَّا ٨ : ٩ – ١١ ). و ما زال الرُّوح القدس في أيَّامنا الحاضرة يعطي كلمات حكمة محيية و إعلانات تحذير قبل وقوع الخطر و رؤى تكشف عمَّا يجب عمله لنحيا في سلامة روحيَّة و نفسيَّة و جسديَّة.
٥ – التصرُّف الحسن :
كما هو مكتوب « مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. »( يعقوب ٣ : ١٣ ) فإظهار الرب الإلَه الرُّوح القدس لكلام الحكمة من ضمن المواهب الحسنى التي يجب أن نجد لننالها لنتصرَّف التصرُّف الحسن كما هو مكتوب« جِدُّوا لِلْمَوَاهِبِ الْحُسْنَى »( ١كورنثوس ١٢ : ٣١ ) فعندما رأى بطرس في رؤيا الملاءة النازلة فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ.و أطاع الصوت السماوي الحكيم قائلاً له «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ! »( أعمال الرسل ١٠ : ١٥ ) و تصرَّف التصرُّف الحسن و ذهب إلى بيت كرنيليوس الذي قال لبطرس« أَنْتَ فَعَلْتَ حَسَناً إِذْ جِئْتَ.وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعاً حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ »( أعمال الرسل ١٠ : ٣٣ ) و كانت النتيجة رائعة كما هو مكتوب « فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الْأُمَمِ أَيْضاً لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ »( أعمال الرسل ١٠ : ٤٤ – ٤٦ ) فقد تصرَّف بطرس و كثيرين غيره من أناس الرب القديسين التصرُّف الحسن ونحن في أيَّامنا هذه يجب أن تكون لنا الحواس المدرَّبة لأننا في حاجة ماسة لإعلانات الحكمة المعجزيَّة و لكي نصل إلى ذلك يجب نتربى« بِكَلاَمِ الإِيمَانِ وَالتَّعْلِيمِ الْحَسَنِ »( ١تيموثاوس ٤ : ٧ ) و نجاهد« جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ »( ١تيموثاوس ٦ : ١٢ ) و« نجد لِلْمَوَاهِبِ الْحُسْنَى »( ١كورنثوس ١٢ : ٣١ ) و نتمم المكتوب«لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ. امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ »( ١ تسالونيكى ٥ : ١٩ – ٢١ ) لأن « لِسَانُ الْحُكَمَاءِ يُحَسِّنُ الْمَعْرِفَةَ »( أمثال ١٥ : ٢ ) و لنعلم أنَّ الرَّب الإلَه الرُّوح القدس مستعد أن يعطينا في أيَّامنا الحاضرة هذه كلام حكمة لكي نتصرَّف التصرف الحسن و ذلك بإظهارات معجزيَّة واضحة و جليَّة في حينها.
٦ – التعليم و الإنذار :
كما هو مكتوب« لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً »( كولوسى ٣ : ١٦ ) « مُنْذِرِينَ كُلَّ انْسَانٍ، وَمُعَلِّمِينَ كُلَّ انْسَانٍ، بِكُلِّ حِكْمَةٍ، لِكَيْ نُحْضِرَ كُلَّ انْسَانٍ كَامِلاً فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. »( كولوسى ١ : ٢٨ ) فنحن في هذه الأيَّام التي ضل فيها الكثيرون عن التعليم الصحيح و أصبح تعليمهم« تَعْلِيماً آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى »( ١تيموثاوس ٦ : ٣ ) لذلك نحن في حاجة إلى حكمة معجزيَّة فائقة تجعلنا قادرين أن نتمسك بالتعليم الصحيح «لاَ بِأَقْوَالٍ تُعَلِّمُهَا حِكْمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ بَلْ بِمَا يُعَلِّمُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ قَارِنِينَ الرُّوحِيَّاتِ بِالرُّوحِيَّاتِ. »( ١كورنثوس ٢ : ١٣ ) « بَلْ نَتَكَلَّمُ بِحِكْمَةِ اللهِ فِي سِرٍّ: الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا أَحَدٌ مِنْ عُظَمَاءِ هَذَا الدَّهْرِ لأَنْ لَوْ عَرَفُوا لَمَا صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ. »( ١كورنثوس ٢ : ٧ ، ٨ ) و ما أعظم التعليم الحكيم الذي تكلَّم به أجور الذي لم يتعلم حكمة عظماء هذا الدهر و لكنَّه عرف تعليم الحكمة الألَهيَّة بروح الرب الإلَه الرُّوح القدس عن الرب الإلَه الآب و الرب الإلَه يسوع الابن و ها هو يقول متواضعًا« إِنِّي أَبْلَدُ مِن كُلِّ إِنْسَانٍ وَلَيْسَ لِي فَهْمُ إِنْسَانٍ وَلَمْ أَتَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ وَلَمْ أَعْرِفْ مَعْرِفَةَ الْقُدُّوسِ. مَن صَعِدَ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ مَن جَمَعَ الرِّيحَ في حُفْنَتَيْهِ؟ مَن صَرَّ الْمِيَاهَ في ثَوْبٍ؟ مَن ثَبَّتَ جَمِيعَ أَطْرَافِ الأَرْضِ؟ مَا اسْمُهُ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟ »(أمثال ٣٠ : ٢ – ٤ ) فتعليم الرب الإلَه الرُّوح القدس بكلام الحكمة يجعل السامعين المطيعين أوفر حكمة كما هو مكتوب «اسْمَعُوا التَّعْلِيمَ وَكُونُوا حُكَمَاءَ وَلاَ تَرْفُضُوهُ. »( أمثال ٨ : ٣٣ ).